الاثنين، 30 يناير 2012

قصة رابعة العدوية: الجزء الثاني


كانت رابعة العدوية رحمها الله دائمة البكاء، قالوا لها يوما:لِمَ تبكين كل هذا البكاء؟ قالت: أخشى القطيعة لأنني قد اعتدت عليه، فلا ينبغي أن ينبعث نداء عند الموت:"إنك لست جديرة بنا"
 متى يكون العبد راضيا؟ قالت: عندما يسر بالمحنة كما يسر بالنعمة.
- كان سفيان الثوري رحمه الله تعالى يسألها عن مسائل و يعتمد عليها. ويرغب في موعظتها ودعائها.
 قال جعفر بن سليمان: أخذ بيدي سفيان الثوري و قال: مُرَّ بي إلى المؤَدِّبة التي لا أجدني أستريح إذا فارقتها.
 فلما دخلنا عليها رفع سفيان يده، وقال:اللهم إني أسألك السلامة. فبكت رابعة. فقال ما يبكيك؟ قالت: أنت عرضتني للبكاء! فقال لها: و كيف؟ فقالت: أما علمت أن السلامة من الدنيا ترك ما فيها، فكيف و أنت متلطخ بها؟
 - كانت تقول: أستغفر الله من قلة صدقي في "أستغفر الله".
 - كانت تقول: لكل شيء ثمرة، وثمرة المعرفة الإقبال.
- دخل محمد من واسع –رحمه الله تعالى- على رابعة و هي تتمايل، فقال لها: مم تمايلك؟ فقالت:سكرت من حب ربي الليلة، فأصبحت و أنا منه مخمورة.
 - قال لها سفيان الثوري: ما أقرب ما تقرب به العبد إلى الله عز وجل؟ فبكت وقالت: مثلي يسأل عن هذا؟ أقرب ما تقرب به العبد إلى الله تعالى أن يعلم أنه لا يحب من الدنيا والآخرة غيره.
 - قال الثوري بين يدي رابعة:واحزناه! فقالت: لا تكذب، قل وا قلة حزناه. لو كنت محزونا ما هنأك العيش! قالت: ما حزني أني حزنت، ولكن حزني أني لم أحزن!
 - مرت رابعة على رجل بالبصرة أُخِذَ على فاحشة فصلب فقالت: بأبي ذلك اللسان الذي كنت تقول به لا إله إلا الله.
 قال سفيان: ذكرت محاسن أعماله.
 - كان أحدهم يقول: من يطرق بابا سرعان ما ينفتح له.
 وكانت رابعة حاضرة فقالت: مع أنك تقول: إن هذا الباب مغلق، وسيفتح، فمتى أغلق قط حتى ينفتح. قال الرجل: عجبا رجل جاهل، وامرأة ضعيفة عالمة!.
 - كانت تقطع قليلا من اللحم بأسنانها. قالوا : ألا تملكين سكينا تقطعين به اللحم؟ قالت: إنني لم أملك سكينا في الدار قط و لن أملك خشية القطيعة.
 - حكي أن رابعة رحمها الله تعالى: كانت في طريق مكة، فأقبل إليها رجل وقال: يا هذه! كُلِّي بكلك مشغُول! فقالت: إن كنت صادقا، فكلي لكلك مبذول! إلا أن لي أختا أحسن مني وهي وراءك! فالتفت الرجل، فلطمته رابعة على وجهه! و قالت:إليك عني يا بطال! ادعيت محبتنا، ثم نظرت إلى غيرنا؟ رأيتك من بعيد، فقلت:وجدت عارفا، فلما تكلمت قلت: وجدتُ عاشقا، فلما جربتك وجدتك كذابا!
 ما رأيت معك صفاوة العارفين و مروءتهم، ولا طريقة العاشقين وصيانتهم! فصاح الرجل، وجعل التراب على رأسه، وقال: ادَّعيتُ محبة مخلوق فأعرضتُ عنه، جاءت اللطمة على وجهي! فأخاف أن أدَّعي محبة الخالق، فإذا أعرضت قلبي أن تَكون اللطمة على قلبي.
 قالت رضي الله عنها:
 ياحبيب القلوب من لي سواك *** ارحم اليوم مذنبا قد أتاكا!
 يا حبيبي وصفوتي و رجائي *** كذب القلب إن أحبَّ سواكا!
 يا أنيسي و منيتي و مرادي *** طال شوقي متى يكون لقاكا!
 - "لو أنني أعبدك خشية جهنم احرقني في جهنم، ولو أعبدك أملا في الجنة حرمها علي، ولو أعبدك من أجلك فلا تَضِنَّ علي بالجمال الباقي".
 - "يا إلهي، كل شيء قدرته لنا من الدنيا هَبْهُ لأعدائك، وكل ما قدرته لنا من الآخرة هبه لأحبابك، فيكفيني أنت!".
 - "إنه يريد ونحن كذلك نريد ما يريد!".
يا إلهي لو ألقيت بي غدا في جهنم، أصرخ: إنني أحبه.أيفعل هذا مع الحبيب؟ فنادى هاتف: يا رابعة لا تظني بنا السوء، سننزلك إلى جوار أحبائنا حتى تتحدثين معنا بحديثنا.
 ولما حضرتها الوفاة خرج الناس واعتلوا مرتفعا فسمعوا صوتا:<يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية > مر وقت ولم ينبعث أي صوت ففتحوا الباب، وكانت قد أسلمت الروح. وهكذا قال المشايخ دخلت رابعة الدنيا ومضت إلى الآخرة ولم تتجرأ على الحق قط، و لم ترجوه شيئا ولم تقل هبني شيئا أو افعل لي شيئا، حتى تطلب شيْئا من الخلق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق