السبت، 21 يناير 2012

مولاتنا فاطمة الزهراء رضي الله عنها

 --- ** الطفلة الكبيرة ** ---


 





هي أَصغر بَنَات المصطفى صلى الله عليه وسلم وأكثرهن حزنا وشدة وعزما، نضجت بسرعة، وتلقَّت الأحداث الكبرى بصورة متوالية، فتركت أثرا عميقا ظل يصاحبها طيلة حياتها!
- كان عمرها لا يتجاوز الخامسة يوم بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيا لهذه الأمة، ومنذ تلك اللحظة جرفها هذا الإعصار الجبّار، فالتحمت بكل ...
تفاصيله، وعاشت كل لحظاته، وظلّت خلف أبيها خطوة خطوة، حتى وصلت إلى لحظة الألم الكبير، يوم ودَّعت أباها عليه الصلاة والسلام!
- تمزَّقت طفولتها وسذاجتها وبراءتها بسرعة، دون أن ينتبه أحد لذلك، ودون أن تدري، وجدت نفسها محشورة مباشرة وسط أحداث عصرها، تركت ندَّاتها يلعبن وحدهن، ولم يكن لديها فترات لهو واسترخاء!
- حتى أخواتها زينب، ورقية، وأم كلثوم، تزوجن وغادرن منزل أبيهن، وبقيت فاطمة الصغيرة وحدها!
- رأت ما جرى لأختيها رقية وأم كلثوم من زواج عذاب وطلاق. فأحست بالكراهية نحو الزواج. وها هي رقية تتزوج مرة أخرى وتهاجر مع عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى الحبشة بعيدا عنهم.
- كان كل شيء مثيرا لفاطمة، كانت تتألم لما يلقاه أبوها من قريش، فهي بحكم سنها كانت تتبعه دائما أينما ذهب، فهي ترى وتسمع كل شيء، لكن مداركها الصغيرة لم تكن تقوى على تفسير ما يحدث.
- التحقت بأبيها وأمها إلى شق أبي طالب، وعانت مثلهم من الحصار والجوع طيلة ثلاث سنوات!
- وحين عادوا إلى منازلهم بعد فك الحصار، بدت فاطمة سعيدة فرحة، وهي تعود إلى مدرج طفولتها الأولى!
- لكن فرحة فاطمة وسعادتها، سرعان ما اجتزَّت بشكل قاس ومؤلم إلى حد لا يطاق، فما هي إلا أيام حتى لفظت أمها خديجة أنفاسها فدخل الحزن العميق إلى روح فاطمة، وأحست بوحشة ووحدة لم تألفها في حياتها من قبل!
- الألم والحزن، وقوة الصبر والاحتمال، هذا العمق المستوحش والممزوج بالشدة والحزم، هو الذي كان يعطي لشخصية فاطمة لونها ونكهتها الخاصَّة!
- لقد شهدت جميع الأحداث التي مرَّ بها أبوها صلى الله عليه وسلم كما شهدت موت أمها العزيزة جدا على قلبها!
- وها هي تشهد بالتدريج موت أخواتها واحدة بعد واحدة... حتى توّجت ألمها وحزنها القاتل يوم ركعت بين يدي أبيها وهو يلفظ أنفاسه الطاهرة الأخيرة، وكم كانت فاجعة فاطمة.. وكم كان حزنها وحشيا وقاتلا للرُّوح!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق