كانت رابعة العدوية رحمها الله دائمة
البكاء، قالوا لها يوما:لِمَ تبكين كل هذا البكاء؟ قالت: أخشى القطيعة لأنني قد
اعتدت عليه، فلا ينبغي أن ينبعث نداء عند الموت:"إنك لست جديرة بنا"
متى يكون العبد راضيا؟ قالت: عندما يسر بالمحنة
كما يسر بالنعمة.
- كان سفيان الثوري رحمه الله تعالى
يسألها عن مسائل و يعتمد عليها. ويرغب في موعظتها ودعائها.
قال جعفر بن سليمان: أخذ بيدي سفيان الثوري و
قال: مُرَّ بي إلى المؤَدِّبة التي لا أجدني أستريح إذا فارقتها.
فلما دخلنا عليها رفع سفيان يده، وقال:اللهم إني
أسألك السلامة. فبكت رابعة. فقال ما يبكيك؟ قالت: أنت عرضتني للبكاء! فقال لها: و
كيف؟ فقالت: أما علمت أن السلامة من الدنيا ترك ما فيها، فكيف و أنت متلطخ بها؟
- كانت تقول: أستغفر الله من قلة صدقي في
"أستغفر الله".
- كانت تقول: لكل شيء ثمرة، وثمرة المعرفة
الإقبال.
- دخل محمد من واسع –رحمه الله تعالى-
على رابعة و هي تتمايل، فقال لها: مم تمايلك؟ فقالت:سكرت من حب ربي الليلة، فأصبحت
و أنا منه مخمورة.
- قال لها سفيان الثوري: ما أقرب ما تقرب به
العبد إلى الله عز وجل؟ فبكت وقالت: مثلي يسأل عن هذا؟ أقرب ما تقرب به العبد إلى
الله تعالى أن يعلم أنه لا يحب من الدنيا والآخرة غيره.
- قال الثوري بين يدي رابعة:واحزناه! فقالت: لا
تكذب، قل وا قلة حزناه. لو كنت محزونا ما هنأك العيش! قالت: ما حزني أني حزنت،
ولكن حزني أني لم أحزن!
- مرت رابعة على رجل بالبصرة أُخِذَ على فاحشة
فصلب فقالت: بأبي ذلك اللسان الذي كنت تقول به لا إله إلا الله.
قال سفيان: ذكرت محاسن أعماله.
- كان أحدهم يقول: من يطرق بابا سرعان ما ينفتح
له.
وكانت رابعة حاضرة فقالت: مع أنك تقول: إن هذا
الباب مغلق، وسيفتح، فمتى أغلق قط حتى ينفتح. قال الرجل: عجبا رجل جاهل، وامرأة
ضعيفة عالمة!.
- كانت تقطع قليلا من اللحم بأسنانها. قالوا :
ألا تملكين سكينا تقطعين به اللحم؟ قالت: إنني لم أملك سكينا في الدار قط و لن
أملك خشية القطيعة.
- حكي أن رابعة رحمها الله تعالى: كانت في طريق
مكة، فأقبل إليها رجل وقال: يا هذه! كُلِّي بكلك مشغُول! فقالت: إن كنت صادقا،
فكلي لكلك مبذول! إلا أن لي أختا أحسن مني وهي وراءك! فالتفت الرجل، فلطمته رابعة
على وجهه! و قالت:إليك عني يا بطال! ادعيت محبتنا، ثم نظرت إلى غيرنا؟ رأيتك من
بعيد، فقلت:وجدت عارفا، فلما تكلمت قلت: وجدتُ عاشقا، فلما جربتك وجدتك كذابا!
ما رأيت معك صفاوة العارفين و مروءتهم، ولا
طريقة العاشقين وصيانتهم! فصاح الرجل، وجعل التراب على رأسه، وقال: ادَّعيتُ محبة
مخلوق فأعرضتُ عنه، جاءت اللطمة على وجهي! فأخاف أن أدَّعي محبة الخالق، فإذا
أعرضت قلبي أن تَكون اللطمة على قلبي.
قالت رضي الله عنها:
ياحبيب القلوب من لي سواك *** ارحم اليوم مذنبا
قد أتاكا!
يا حبيبي وصفوتي و رجائي *** كذب القلب إن أحبَّ
سواكا!
يا أنيسي و منيتي و مرادي *** طال شوقي متى يكون
لقاكا!
- "لو أنني أعبدك خشية جهنم احرقني في
جهنم، ولو أعبدك أملا في الجنة حرمها علي، ولو أعبدك من أجلك فلا تَضِنَّ علي
بالجمال الباقي".
- "يا إلهي، كل شيء قدرته لنا من الدنيا
هَبْهُ لأعدائك، وكل ما قدرته لنا من الآخرة هبه لأحبابك، فيكفيني أنت!".
- "إنه يريد ونحن كذلك نريد ما
يريد!".
يا إلهي لو ألقيت بي غدا في جهنم، أصرخ:
إنني أحبه.أيفعل هذا مع الحبيب؟ فنادى هاتف: يا رابعة لا تظني بنا السوء، سننزلك
إلى جوار أحبائنا حتى تتحدثين معنا بحديثنا.
ولما حضرتها الوفاة خرج الناس واعتلوا مرتفعا
فسمعوا صوتا:<يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية > مر وقت
ولم ينبعث أي صوت ففتحوا الباب، وكانت قد أسلمت الروح. وهكذا قال المشايخ دخلت
رابعة الدنيا ومضت إلى الآخرة ولم تتجرأ على الحق قط، و لم ترجوه شيئا ولم تقل
هبني شيئا أو افعل لي شيئا، حتى تطلب شيْئا من الخلق.
